المحسنات البديعية
أولا: الطباق
المحسنات البديعية فرع من فروع العلوم البلاغية ، وسنحاول تناوله هنا محسنا بعد محسن وسنبدأ ( بالطباق) لما له من أثر واضح وقوي في إثارة الانتباه إلى الفكرة ، وشدة تقبل النفس لها :
1 ـ قال الله تعالى : " تَبَاركَ الذي بِيَدِه المُلْكُ وَهْوَ على كُلِ شَيْءٍ قََدير * الذي خَلَقَ الموْتَ والحياةَ ليبْلوَكُم أيُّكم أحسنُ عملا وهو العزيزُ الغفورُ "
2 ـ قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم : " خير المال عَيْن ساهرة لعين نائمة "
******
3 ـ قال الله تعالى : " يَسْتَخْفونَ من الناس ولا يستخفون من الله وهو معهم "
4 ـ قال الشاعر الجاهلي السموأل معظما قومه :
ونُنْكِرُ إن شئنا على الناس قوْلَهم ***** ولا يُنكرون القول حين نقول
((الإيضاح))
ـ تأمل المثال الأول ؛ تجد في قوله تعالى كلمتين متضادتين في المعنى هما ( الموت ) و ( الحياة )؛ وهذا التضاد يثير اليقظة والانتباه؛ أما ترى أن هاتين الكلمتين قد ائتلفتا أجمل ائتلاف في إطار الفكرة وساعدتا على انتقالها إلى المتلقي بوضوح ؟
ـ وقل مثل ذلك في حديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ حيث يبين لنا أن خير ما يرزق به الانسان هو عين ماء ينام صاحبها ، أما هي فتظل ساهرة أي جارية تسقي له أرضه .
ـ فهل تجد في هذا الحديث كلمتين متضادتين كما في الآية السابقة ؟ نعم : هما : (ساهرة ) و (نائمة )
ـ ماذا يسمي البلاغيون هذا النوع من التعبير البلاغي الذي هو عبارة عن الجمع بين الشيء و ضده في الكلام ؟
ـ الجواب : إنهم يسمونه ( الطباق )
ـ والآن لو تأملنا المثال الثالث ، فهل يوجد في الآية الكريمة طباق ؟ الجواب : نعم .
ـ أين يظهر هذا الطباق ؟ إنه يظهر بين الكلمتين ( يستخفون ) و ( لا يستخفون)
ـ ماذا تلاحظ في الطباق بين هاتين الكلمتين ؟ لا شك أنك تلاحظ أن الفعلين متحدان في اللفظ والمعنى لكن التضاد بينهما جاء من ورود الأول مثبتا والثاني منفيا بحرف النفي ( لا )
ـ إذا قارنت هذا الطباق بالطباق الموجود في المثالين الأول والثاني ، ماذا تستنج ؟
ـ لعلك تستنتج أن الطباقات الموجودة في المثالين الأول والثاني قد اعتمدت على الكلمة وضدها ( الموت ـ الحياة ) و ( ساهرة ـ نائمة ) في حين اعتمد المثال الثالث على كلمة واحدة جاءت مرة مثبتة ومرة منفية ( يستخفون ـ لا يستخفون) وكذلك في المثال الرابع (ننكر ـ لا ينكرون )
ـ هل الطباق في المثالين الأول والثاني مثل الطباق الموجود في المثالين الثالث والرابع ؟
ـ لا شك انك ستجيب إنهما ليسا من نوع واحد .
في المثالين الأول والثاني يسمى طباق الإيجاب ؛ لأنه لم يختلف فيه الضدان إيجابا وسلبا
أما في المثالين الثالث والرابع ؛ فيسمى طباق السلب لأن اللفظين اختلفا ايجابا وسلبا ، أي أن هناك لفظ موجب ( يستخفون ) ولفظ سالب ( لا يستخفون)
نستنتج مما سبق ان :
الطباق : هو الجمع بين الشيء وضده في الكلام، وهو نوعان :
1 ) طباق الإيجاب : وهو ما لم يختلف فيه الضدان إيجابا وسلبا .
2 ) طباق السلب : وهو ما اختلف فيه الضدان ايجابا وسلبا .
3) الغرض الأدبي من الطباق بنوعيه هو تحسين الكلام وتوضيح معناه وذلك عن طريق وضع الشيء وضده ، إذ أن الأضداد يظهر بعضها بعضا، إذ بالأضداد تتميز الأشياء، وبذلك تزداد الفكرة وضوحا
(( انتهى ))
درس
-
- عضو مشارك
- مشاركات: 18
- اشترك في: الأحد 3 ديسمبر 2017 23:18
- الجنس: - أنثى
- تم توجيه الشكر لك: 1 مرة
-
- عضو مشارك
- مشاركات: 13
- اشترك في: الخميس 7 ديسمبر 2017 19:22
- الجنس: - أنثى